Thursday, January 17, 2008

دمـاء أبـوللو






دماء أبوللو
دماء ترصد تاريخ ... تاريخ مدينة مهزومة ، فتكت الحرب بمعالم حياة كائناتها - أحياءها وجوامدها ، تاريخ زمن غابر ، زمن أغرقته هموم من عاشوه وعبروه ،، رغباتهم ، طموحاتهم وتطلعاتهم ... نحو العبور !! عبور كل المساحات ،،عبور مساحات الزمن البعيدة جداً ،عبور مساحات الفكر القريبة جداً جداً .... عبور الخط الفاصل وكل خطٍ فاصل ،، فلربما افترشنا حبات الرمال والتحفنا بصفحة السماء تزينها سحابات بيض كغزل البنات ،، ننظر لعين الشمس بكامل
اتساع العيون وترسم النشوة خطوط النصر على كل الملامح
دماء أبوللو

تاريخ طفل عاش في تلك المدينة وتلك الحقبة الزمنية ، طفل تصارع فكره مع فكره وفكر من أحاطوه وعاصروه .. طفل لم يفلت من قصاص الحرب ـــ تلك اللعينة المدمرة ـــ ذهبت بصوته فلم يدرك لضحكاته "كركعة " ولا لبكائه "نهنهة" فقال فيما قال الراوي .. حين أدركت مذاق الكتابة توقفت حسرتي على عدم القدرة على الكلام .. .. تشتاق معه لكيان الجد ورمزيته للقوة والأمان وتتذوق معه حنان الجده واحتوائها اللآنهائي لذلك الصغير بتساؤلاته اللانهائية أيضا التي تلجمها عن الرد أحيانا كثيرة فتصرخ مستغيثة .. ياللجدة المسكينة ، تكاد رأسها تنفجر من أسئلة الصغير السترسلة ،المنهمرة ، المتعمقة في الدقائق ،الباحثة عن الحقائق والمتطلعة للخوارق ... أسئلة ، أسئلة .. والجدة المسكينة لا تملك إلا الرقي ، تملأ يدها بالحنان وتمسح بها على تلك الرأس التي أعياها التفكير والتفتيش المستمر عن كل ظاهر وخاف ِ .. حتى خلف تلك السماء البعيدة ، حتى خلف تلك البحار العميقة هناك حيث نتطلع للإله ونبحث عن الجنيات الصغيرات

دماء أبوللو

يقابل فيها عوض الحارتي نفسه طفلا ًصغيراً بحركات الصغار وتصرفاتهم وجنونهم وكل عبثهم .. وما بين طفولة الطفل المشحونة وذلك السرد السهل الممتنع لكل أحداث المرحلة.. ألغاز وألغاز ،، وما بين السطور سطور

كيف تنمحي انكساراتنا ؟.. لا تنمحي شأنها شأن تلك الجروح العميقة التي تترك على أجسادنا ندوبا غائرة يراها الجميع ويمصمصون شفاههم ، لا يمكنهم رؤية ندوب عقولنا ، لكنها تظل هناك في مكان ما ، لا تبرحه أبدا ، آلاف الذكريات الأخرى لا يمكن أن تغطيها ، آلاف الأطنان من الأتربة لايمكن أن تخفيها ،ملايين الافراح لا تخفي ندوب الذاكرة ، ندوب الجسد يمكن اخفاؤها ببعض العمليات الجراحية أما ندوب العقل فلا تنفع فيها أدوات الجراحة ولا ينفع لها الجراحون أو الجراحات التعويضية ، الحل الوحيد المثالي كان في رأيي أن نفقد الذاكرة، نفقدها تماما
من استطاع نسيان جروح الروح والعقل ... لآ أحد، لآ أحد ، لآ أحد

كم واجهتني تلك الحروف .. كم تراصت وجها لوجه أمام تلك الندوب الغائرة هناك ،، العابثة بمكامن الروح .. ايقنت الآن وأكاد أقسم لن يعيها بشر .. لن يدركها كائن من كان
لكن هناك كثير من الاشياء في حياتنا التي تتملكنا فلا نستطيع منها فراراً، سواء كنا مفتوحي العينين أم عكس ذلك ،إنه القدر في النهاية
نحن وأشياء أخرى؟؟ تغزونا كثيرا .. تصارعنا طويلا و لا نملك في النهاية إلا الاستسلام ... الرضوخ التام لفرمانات القدر وإن لم نفعل فهي نافذه لا محالة
بعض الاشخاص يبرزون فجأة من عدم اللحظة ، لتكتشف أن حياتك على صغرها امتلأت بالكثير ، الكثير من الضحكات والدموع واللعنات والآمال والاحباطات
كم تتحقق الحروف كنبؤة عرافة عجوز .. يحالفها الحظ كثيرا
كنت قد تعلمت أن الفضيلة والرذيلة كالنور والظلام ، إما أن نعيش في النور وإما أن نعيش في الظلام ، ولكن النور والظلام متتابعان ، نراهما كل يوم ، وعلى ذلك فالحياة هكذا تمتلئ بهذا وتمتلئ بذاك
.. هل اختيار أي أحد منا في حياته لأي موقف ، هل هو اختيار للفضيلة أم الرذيلة في ظل عدم معرفتنا بالمستقبل
تقلبات الاختيار ؟؟ هل هذه طبيعة إنسانية ؟ أم أن الله يختار لنا كل شيء قبل أن نختار؟ فلماذا اختار لي أن أتعرض لكل ذلك ؟ كان وراء هذا الامر حكمة ما؟
ماذا يفعل القاتل حين ينتهي من إراقة آخر دم ضحاياه، ماذا يتبقى في تلك اللحظة بعد أن يصبح العالم كله ملكا له وحده...
كل هذه الصدف والاحداث هي الطريق الى الجحيم؟ كنت أعتقد بأن الحياة ليس فيها أيا من ذلك ، الى أن اصطدمت بها ، كانت أحلامي تحترق واحدة بعد الاخرى,,,,,, كانت اختياراتنا هي السبب أحيانا أو ما نحن مجبرون عليه في بعض الاحيان ، وكانت الصدفة هي السبب في احيان اخرى
كيف يمكن للإنسان أن يمارس البغض والشفقة في آن واحد؟ من أين يأتي بذلك؟
هناك لحظات نعتقد فيها بأن اختيارنا لأمر ما قد تم على خير ما يرام . لكننا نكتشف أنه كان اختيارا خاطئا تماما، وبأننا نتجرع المر بسبب هذا الاختيار، هذا هو ما حدث تماما
،،،، فهكذا الحياة
لم أعد أقوى على الكتابة وربما الان تحديدا لا اقوى على الكلام أيضا ،،
فما لمسته السطور داخلي أعجز عن وصفه ، لست ناقدة ولم ولن أقصد ذلك يوماً ،،
إنه فقط انطباعي
يا لها من دماء ،، تسيل لها الدماء ....
تحياتي لك صاحبي .. صاحب الدماء الأبوللية
في انتظار المزيد منك والمزيد

د. زين عبد الهادي

مبارك علينا أنت