Monday, February 18, 2008

قصاصات مبعثرة


كان الصراخ يخترق الهاتف ... تماماً كقصف عشوائي ، أتى على كل شيء فأحاله إلى ركام
العالم كله يخلو إلا من ركام
هكذا كنت أشعر حين أبعدت الهاتف عن أذني ، ممسكة إياه في مواجهتي ، ناظرة إليه بعيني
أملاً في انقطاع الخط أو تعطل الهاتف أو حتى أن يصاب المتحدث بالبكم للحظات
إلا أن الصوت كان منهمراً مستمراً غزيراً دونما انقطاع تماما كتلك الامطار اللامعة خلف الزجاج المطل على الطريق
كانت مهاتفة ً تروي تاريخ
تستعرض سنواتٍ عشر وأكثر في دقائق عشر وأقل
من قال أني نسيت سنواتي وساعاتي ،،، وحدي فقط من أذكرها ،، أحياها ... كدوامات هي تسحقني لأسقط من واحدة في الاخرى
لا خروج منها ،،، إلا بالخروج الأخير
لم ولن أنسى مادمتم تريدون ... ولتكن الحياة كما تتمنون
.
.
.
وأخيراً انتهى القصف ... أو ربما هي هدنة قصيرة .. المهم أن المهاتفة انتهت
.
.
والقصاصة في يده انتهت
_ _ _ _
بعد أعوام عشر ،، سقطت في يده تلك القصاصة ،، كان قد اعتاد القراءة التى حاولت هي زرعها في حديقة حياته منذ كان في الخامسة ...أهدته قصصاً كانت تحب هي قرائتها .. كم حاولت منعه مناداتها بخالتي .. لتطرب بسماع اسمها مباشرة بصوته الطفولي الرقيق ،، إلا أنها استسلمت بعد كل مرة كان يخطأ فيها ويناديها " خالتو ...." فهي من لقنته ذلك منذ داعبت الاحرف طرف لسانه الصغير
.
.
.
رحلت هي
.
ولم يتبقى منها سوى قصاصات مبعثرة ،،، حاول هو جمعها باهتمام وقرائتها بتفحص ، فلربما تمكن من خط ما لم تستطع هي خطه .. ربما أصدر هو روايته الاولى بمداد قلمها ،، ولن يتحيرحينها اختيارعنوان روايته
فحتى هذا وجده بين سطور القصاصات
مذكرات نور

11 comments:

رحــــيـل said...

غاليتى نورسين
كم كنت افتقد كلماتك
كم كنت اتمنى ان اقرأ لك جديد
وكم جاءت كلماتك حزينة
قاسية على نفسك الجميلة
جريحة هى تلك الكلمات
وذلك القلب الحنون
عزيزتى حتما ستنتهى حربك يوما ما
ستنتهى وهو سيكون الخاسر الوحيد
سيدرك ذلك يوما
وان لم يدرك فهو لايستحق حتما تلك الحياه التى يحياها
وذلك الهواء الذى يتنفسه
اما صغيرك ياسيدتى
فلتراقبى سنوات عمره الجميله
ولتستمتعى بلحظاتك معه فهى من اصدق اللحظات لديك وامتعها
ولترى يوما ما حصاد مازرعتيه فى حديقة حياته اطال الله فى عمرك لتذكرى معه تلك الحكايات ولتجمعوا سويا قصاصات رواية لكى واخرى له
اسعد الله حياتك وقلبك وهذاالصغير

horas said...

إلا أن الصوت كان منهمراً مستمراً غزيراً دونما انقطاع تماما كتلك الامطار اللامعة خلف الزجاج المطل على الطريق

تشبيه عجيب في واقعيته جعلني أشعر بالبرودة من جراء الأمطار وبالصقيع من جراء الكلمات

كداوامات هي تسحقني لأسقط من واحدة في الاخرى
لا خروج منها ،،، إلا بالخروج الأخير
لم ولن أنسى مادمتم تريدون ... ولتكن الحياة كما تتمنون

كما يمر الزمان علينا فيرهقنا بمروره البطيء يمر أيضاً علي تاريخنا وذكرياتنا .. يضعفها ونساعده إذا رغبنا في ذلك .. ومهما حاول البعض تزكية النار من تحت الرماد فلتوقفهم صرخاتنا المحتجة : نحن هنا .. نحن الآن .. نحن غداً .. ولتبقوا أنتم في الماضي إن أردتم ..
ولتكن ضحكات هذا الصغير الجميل جذوة أمل في غد مختلف يحمل شمساً جديدة تطهر فراش الأمس من كل عوالقه المريبة .. قد يكون هذا الصغير رمزا وما علمتيه له هو أنفاسك التي لازالت تتردد في الفراغ ..تقاوم و تقاوم وما سيكتبه هو ما ستحققيه مستقبلا علي أنقاض تلك القصاصات المبعثرة ..
هي لم ترحل طالما كتبت فلم ترحل ..
طالما تكتب فلم ترحل..
طالما ستكتب فلم ترحل..
وإن كان المتبقي في رصيدنا هو ساعة واحدة قبل الخروج الأخير .. فهي لنا .. ملكنا .. قمة التخاذل أن نتركها لمن يقودنا فيها علي هواه .. وما العمر إلا ساعة .. يكفي ما مر منها .. فلنقضي باقيها كما نريد ..
أو علي الأقل .. ليس كما يريدون
..


سعيد بعودتك .. وأتمني المواصلة وأرجو ألا تطيلي الغياب ..

Anonymous said...

ذلك الصغير
والقصاصات التى وجدها
وذاكرته

هذه المقومات الثلاث لعدم الرحيل

طالما خطت كلماتها فهى لم ترحل
طالما عاشت فى ذاكرة انسان فهى لم ترحل

طالما الهمته مداد روايته الاولى
فهى حيه الى الابد

فى الاف الكلمات
والاف الذكريات
فى الاف العقول

هى حيه بكلماتها
وللابد

صديقتى
اسعدتنى عودتك للكتابه

واعلم جيدا انى ربما من اسوأ ما قابلت من اصدقاء
فجأه انقطعت حبال الود بيننا
واولا واخيرا
هو خطئى
سامحنى

انا فعلا استحق لقب اسوأ الاصدقاء

_ زين_ said...

هل تعلمين منذ متى أنتظر روايتك الأولى التي تدعين أمامي الآن أن صغيرا هو الذي سيكتبها..
لم أيأس
ولن أيأس
يمكنك لإصبعك الصغير أن يكتب
ويمكن لقلبك الصغير أن يكتب
ويمكن لإبن أختك أن يكتب وهو جالس على حجرك..لكن دماء من تلك التي ستكون على السطور..
أكتبي الآن
فأنت الآن في أفضل حالات الكتابة..
نص ممتاز يستحق 21 على 20
فقد فقتي كل الأساتذه
تحياتي وحبي الدائمين
لاتنسي ذلك أبدا

vetrinary said...

مش عارف اقلك ايه
اظاهر ان الناس بيحبو لغتك وكتابتك
عشان كده مش هعرف اعلق
بس
انا شايف ان الالفاظ مش كل حاجه
الفكرة وعمقها اهم
القصه انتهت قبل ما تبدا
كان الصراخ يخترق الهاتف


واخيرا انتهى القصف
معلش افتكرت جمله وااخيرا زست
او ربما
بين قوسين ليه ربما دى
السرد اللى فى الاخر حسسنى انك بتكتبى المشهد الاول لروايه
انا صقفتلك فى اول كومنت ليا
انتى حد موهوب
وربنا يكرمك

linda said...

أعي نوع هذه المكالمة

فقد مررّت بها عدة مرات

صديقتي لا تأبهي لألمك فحتى الألم خلق له مسكن وعلاج

كل شيء سينتهي لكن ربما سيأخد منك بعضاً من وقتك وربما المزيد من وقتك لكن بالنهاية سينتهي



بالنسبة لذاك الطفل فربما هو هبة خاصة بندائه لك خالتو

أتعلمين انا ايضا أحلم بهكذا لقب لكنني للأسف لن أملك ابدا فتمتعي به ولا تنتقديه


تقبلي تحياتي

linda said...

لا تطيلي الغياب فقد أشتقتك ياعزيزتي

ســـــــمــــكة said...

بدأت بمهاتفة
وانتهت بكتاباته

لكن ستبقى القصاصات والدافع دائميين

كم كلماتك جميلة
تحياتي

malk said...

.كم من الاشياء التي تبعثره السنين على دروبنا ...تبعثر اشواكا ودموع وحزن يلف القلوب فتثور...وورودا تذبل على الاغصان ....وطيور لاتعود وتصبح خاويه صفحات قلوبنا الامن قصاصات مبعثره
تحكي بقايا ذكريات
كلماتك جميله وعميقه جعلت قلمي يبعثر كلمات متواضعه على صفحاتك
ارجو ان تتقبلي مروري وتعليقي........

رحــــيـل said...

تعجبت كثيرا حينما ضغط على لينك مدونتك وفتحت وسعدت
اتدرين
كنت اقلب فى صفحات مدونتى وفى اولى التعليقات التى جائتنى
ووجدت اول تعليقين لكى عندى
احسست انى احتاج لان اتى اليكى هنا اقرأ او اكتب لا ادرى
ولكن عادة عندما اقلب فى تدويناتى السابقة وتعليقاتى
ابحث عن شئ منى علنى اجد جزءا صغيرا من نفسى الحائرة
تذكرت اعجابى الشديد بكلماتك التى احسستها بشدة
تذكرت تعليقاتك التى تحسنى بشده
فجئت الى هنا
ووجدتك اطلقتى لكلماتك العنان
وفتحتى لمدوتنك طاقات نور من جديد
كنت اتمنى ان اجد جديد لكى

واتمنى ان تكونى بكل خير
وعذرا لتقصيرى
فهى حالة عزلة كنت بدأتها منذ مده
وظننتها ايام وستنقضى لكنى اعتدتها
وصارت منهاج لى

واعذرى لى تطفلى واطالتى فى الحديث
لا ادرى لكنى كنت دوما اجد بعض منى لديك

دومتى بكل كل خير

israa el-mansy said...

ما أحلى هذه البعثرة
فلأول مرة اقرأ افكارا مبعثرة واستمتع بهذا التبعثر الذي يقاوم الحزن، ويحاول ادراك النور حتى لا يستمر وينمو في الظلام
فمن فضلك اخرجي لنا هذا الحزن إلى النور ولا تحرمينا منه ومن احاسيسك.